هل نستطيع إصلاح أخلاق النَّاس عن طريق المواعظ والنصائح؟ وهل الأخلاق وليدة الظروف الاجتماعية؟ أم أنها ميزة فطرية؟ وهل تتحقق مقولة "غيّر معيشة المرء تتغيّر أخلاقه "؟
تعتبر الأخلاق من الأمور النسبية التي يختلف النَّاس في تقديرها. وهي ليست كالموارد الصحية أو التقنية أو الاقتصادية؛ حيث يتّفق النَّاس في الغالب على ما يستحسن منها وما يستقبح.
فمثلًا اتّفق النَّاس على خطورة الأمراض ووجوب السلامة منها، أما الأخلاق فليس عليها نفس الاتّفاق؛ فكل ثقافة أو مجتمع بشري يمتلك معاييره الأخلاقية الخاصة به، بل وينظر إلى الثقافات والمجتمعات الأخرى بشيء من الريبة، وربما الاحتقار.
وللبحث عن الضائع من الموارد الأخلاقية سنضع ركيزة، أو أساسًا نسيّر عليه البحث، وسيكون أساس البحث هنا هو المقارنة بين أخلاق أهل البدو والصحراء، أو ما يطلق عليها (أخلاق البداوة ). وبين أخلاق أهل المدن والعواصم، أو ما يطلق عليها (أخلاق الحضارة ).
لماذا البداوة والحضارة خاصة؟
تعتبر ثنائية البداوة والحضارة مهمَّة لخصوصية المجتمع العربي، فإن العرب يقعون في منطقة بها مساحات كبيرة جدًّا من الصحراء، يسكنها العديد من المواطنين الذين نطلق عليهم (البدو)، ويقابل ذلك العديد من المدن التي يسكنها أهل (الحضر )؛ لذا فإن دراسة أخلاق وطبيعة المجتمع العربي لا تجوز إلا بدراسة أخلاق وطبيعة المجتمع البدوي والحضري، والمقارنة بينهما.
يؤخذ على بعض الباحثين العرب إهمالهم لهذه النقطة، واتِّباعهم لأساليب دراسة المجتمع العربي التي قام بها المستشرقون الأجانب، مهملين بالطبع التراث الثقافي والحضاري للصحراء؛ لعدم إدراكهم أهمية ما قد تمثله الصحراء في الإرث الثقافي للمجتمع العربي.
ولذا، فدراسة المجتمع البدوي مهمة؛ لأنه يمثل جزءًا لا يستهان به من ثقافة العرب، ولا يمكننا دراسة الأخلاق العربية والضائع منها دون أن نبحث في إرثنا الأخلاقي، وكيف كان ينظر أجدادنا للأخلاق ويتعاملون معها وبها.
يرى علماء الاجتماع أن كل مجتمع من المجتمعات البشرية يمتلك شخصية منفردة به، مثل الفرد الواحد، ويطلق عليها المصطلح العلمي (Culture ).
ونحن هنا سندرس المجتمع البدوي بطريقة مختلفة عن دراسات المستشرقين، فالمستشرقون درسوا الصفات الظاهرة من المجتمع البدوي دون النظر فيما وراء هذه الصفات والظواهر، وتسبب هذا في إضعاف دراساتهم عن المجتمعات العربية، والبدوية خاصة.
فالمجتمع عامة يتكون من مجموعة من العناصر والمكونات، تتفاعل مع بعضها لتنتج في النهاية عنصرًا ظاهرًا جديدًا يختلف عن مكوناته، وهذا ما يسمى بـِ (السمة الشخصية للمجتمع الواحد ).
إذن، سيظهر السؤال المهم: ما هو الأساس الذي تقوم عليه شخصية المجتمع البدوي؟
تقوم شخصية المجتمع البدوي على سمة مميزة له تختلف عن شخصية المجتمع الحضري؛ فالمجتمع البدوي تميِّزه ثقافة (الاستحواذ ) ، أما الحضر فتميِّزهم ثقافة (الإنتاج ).. وهناك فارق كبير بين الشخصيتين.
بالنسبة للمجتمع الحضري، فيصعب أن يعيش الفرد فيه بدون مهنة أو وسيلة إنتاج معينة، سواء مادي أو فكري. وكلما زادت براعته في مهنته زاد الإقبال عليه وارتفع دخله.
أما المجتمع البدوي فيعيش بلا وسائل إنتاج، تنبت زراعته بفعل الأمطار، ويشرب من الآبار والمياه الجوفية، ولذا فيكون من الصعب عليه أن يمتهن مهنة معينة، أو أن يتقاسم مصادر الماء والغذاء كما يفعل أهل الحضر؛ فيتنازعون على تلك المصادر بالحروب وإشهار السيوف في وجه بعضهم البعض؛ فلا مكان هناك للضعفاء المطالبين بالعدل والمساواة، هناك تسود ثقافة القوة والاستحواذ.
ومن الطريف في حياة البدو احتقارهم لكل صاحب مهنة أو صنعة؛ فهم يطلقون كلمة (المهنة ) من (المهانة ) ؛ فصاحب الحرفة والمهنة عندهم ضعيف لا يلقى احترامًا بينهم.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان